السبت، 20 أغسطس 2016

المقدمة - ما وراء الستار


بلياتشو قال إيه بس فايدة فنوني

وتلت وقق مساحيق بيلونوني

و الطبل و الزمامير وكتر الجعير

إذا جنون زبوني زاد عن جنوني

عجبي !!!
                                                                                

                                                                                             صلاح جاهين



" مجدي اليماني "  و الطفلة "  إيميليا "

كثيرا ما تجذبني هذه العيون , و تثير فضولي لمعرفة ما وراء الستار ، عيون تُطِل إليك من وسط مساحيق كثيفة كستار سميك تتمنى لو تعرف ما يُخفى وراءه ، يرى الجميع هذه الوجوه المرسومة فيضحكون , وأراها فأتساءل : ماذا لو كانوا الآن يتألمون ؟ فلا أستطيع أن أبتسم , أو أسعد بما أراه ، فعندما تقرر أن تضع قناع السعادة , و ترتدي أبهى الثياب , و يقول لك الناس ما أروعك ! كم أنت مثير للبهجة ! ولكن لم يلحظ أحد عيناك اللامعتان , يرونها لمعة سعادة , و هي لمعة دموع ، و لم ير أحد ما يُخفيه قلبك , وجسدك من أوجاع , فهكذا تُروض نفسك دائماً على تحمل الآلام , بل وإيهام غيرك بأنك أسعد الناس , و تباً لك إن سولت لك نفسك يوماً , أن تُظهر ما بك من ألم , و لم تجد الرحمة من أحد ، حقا , وقتها
فقط ستعلم أن شخصية البلياتشو  هي أعظم و أكرم سيناريو يمكن أن تختاره
لحياتك , ليحفظ لك عزتك , و كرامتك .
إن شخصية البلياتشو  هي ابتسامتك وقت ألمك وأحزانك  ، شخصية البلياتشو  هي طبيبي الذي كان يُداوى الناس , ولكنه فجأة يُصاب بفيروس غريب فلا يجد له مُداو ، فالكثيرون يبحثون عن السعادة التي يرسمها هؤلاء , و القليل فقط من يبحث عن الألم الذي رآه في عيونهم , و لا يشعر بأحزان البلياتشو  إلا من اختار أن يعيش وسط الناس بلياتشو ,  ليراهم سعداء و هو يتألم .
إن البلياتشو على مسرح السيرك , و أمثاله على مسرح الحياة هم أشخاص يتألمون , و لكنهم اتخذوا قرارهم , و حرَّموا على أنفسهم إظهار الألم .
و نتيجة الفضول لمعرفة ما وراء الستار , كان القرار بإزاحة هذا الستار , و عرض ما وراءه , و ما تخفيه ألألوان و المساحيق , و أقنعة السعادة , لنسجل الواقع الحقيقي لحياة أبطال السيرك , بكل ما فيها من مخاطر ومغامرة , و وحوش و مع توالى اليوميات و دون قصد مُتعمد , نجد أن حياة السيرك و وحوشه و أحداثة المثيرة , ربما تكون أخف وطأة من كل ما يحدث في سيرك الحياة  .
و لأن التضاد دائماُ يظهر حقيقة المعنى , فكان لابد أن تحدث المواجهة بين خيمة السيرك و سيرك الحياة , لنرى أيهما أكثر عنف , و وحشية , و إهدار للكرامة الإنسانية , و مع توالى سرد الواقع , و المواجهة الخيالية بين خيمة السيرك و سيرك الحياة , خرجت يوميات في السيرك , في شكل يوميات مصورة تجمع ما بين الواقع و الخيال , مكتوبة باللغة العامية , التي تتوافق مع واقع الحياة في السيرك , لتعكس حقيقة ما وراء الكواليس في عالم السيرك ,ممزوجة بأحداث خيالية , و لكنها ليست ببعيدة عن مشاهدتنا اليومية لواقع المجتمع , بمختلف جوانبه الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية .
و قد دارت أحداث اليوميات في سيرك روما العالمي , الذي أقيم ببورسعيد من منتصف ديسمبر 2013 و حتى السابع عشر من أبريل 2014 , ثم عاد السيرك للعمل ببورسعيد مرة أخرى في أول يونيو 2014 , حتى يوم عيد ميلادي في الخامس والعشرين من  أغسطس 2014 حيث تم الاحتفال به تحت خيمة السيرك .


                                                                                                                                ناني محسن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق