السبت، 20 أغسطس 2016

اليوم 7 - استئناس الوحوش ووحشية الإنسان


عيني رأت مخلوق في غاية البشاعة
أنا قلت له لما تأملته ساعـــــــــــــة
اللذه و الموت علموك اللــــــــــزج
و انا علموني الفلسفة و الشجاعــة
عجبي!!!
صلاح جاهين






بعد رؤية فقرات السيرك و تعامل أبطالة مع الوحوش , لازم هتسأل نفسك إزاى الناس دى  قدرت تروض الوحوش المفترسة ؟  هل بيظهروا للحيوان المفترس قوتهم و شراستهم فالحيوان يخاف منهم , و لا بيظهروا له الرحمة فيحصل كيميا بين الإنسان و الحيوان المفترس  .

في الحقيقة هناك نوعين من الناس داخل السيرك بيتعاملوا مع الوحوش ، المعروف منهم النوع الأول و هما مدربين الوحوش ، أما النوع الثاني ناس دائماً خلف الستار و هو مُربى الوحوش و بيطلق على صاحب هذا العمل " السايس " و    " السايس "  هو الإنسان المسئول عن كل جوانب حياة الوحوش في السيرك , و هو المكلف بالدخول لإنقاذ مدرب الوحوش أثناء العرض في حالة هجوم الوحوش عليه , و هنا كان لازم نتعرف على علاقة الطرفين " المدرب " و " السايس " مع الوحوش .

 

البرنامج اليومي لجلالة الملك  " الأسد "


 

محمد رمضان مُربى الأسود

يا ترى الأسد ملك الغابة عايش إزاي في السيرك ؟ بياكل إيه ؟ و بيشرب إيه ؟ و بيقضى يومه إزاى ؟ ، طبعاً كان أنسب إنسان يجاوب على الأسئلة دي هو              " محمد رمضان " مُربى الأسود .

" محمد "  شاب صغير عمره 18 سنة , يشبه كثير الفنان محمد رمضان في الشكل و الاسم كمان ، " محمد "   زى كل فريق السيرك جامعي , في أولى كلية تجارة انتساب , لكنه عاشق للأسود و لفن السيرك .

لما كنت واقفة أمام قفص " شطا " و " شريف " أسود السيرك , سألت " محمد   رمضان "  سؤال ساخر , يا ترى الأسد بيقضي يومه إزاي ؟ و بالمرة كمان مواعيد الشاور و التريض ؟!  كنت فاكرة إني بقول شيء غريب و مضحك , لكن              " محمد "   ابتسم و قالي ده بيحصل بجد مش خيال زى ما إنتي فاكرة ، قلتله شوقتني احكيلي فبدأ " محمد "   يحكى عن البرنامج اليومي للأسد .

" محمد رمضان "  : الأسد بطبيعته حيوان كسول , و لكن هو هنا في السيرك مش في حديقة الحيوان ، يعنى بالضبط زى ما يكون موظف , له مواعيد شغل , فمش لازم نساعده على الكسل و النوم , و ده بيجي من الأكل الخفيف ، مش لازم الأسد يثقل في الأكل , و هنا الأسد بياكل يوم بعد يوم ،  لكن للأسف اللحوم البلدي غالية علشان كده بنلجأ للحم الحمير ، و أكل الأسد لازم يكون غير مُشبع و إلا هيصاب بالوخم و النوم .

بالنسبة لشرب الأسد , فالأسد بيشرب مياه زى أي كائن حي ، أما لحم الحمير و المياه لوحدهم مش هيوفروا للأسد غذاء متكامل و صحي , فلازم ننوع له في الأكل , و هنا أنا بعمل وجبه شهية و مغذية للأسد , عبارة عن كيلو لبن مضروب مع 2 بيضة معاهم قطع لحم بلدي , و طبعاً دي وجبه غذائية متكاملة لكن مش كل الأسود بتحبها , لأن الأسد زى الإنسان فيه ناس تحب اللبن و فيه ناس مش بتحبه .

أما الشاور أو استحمام الأسد , فالأسد كل يوم لازم نحميه بالشامبو علشان نحافظ على نظافته , و نعومة شعره , و نمشط شعره بالفرشة ، بعدها وقت التريض فى الشمس , لأننا بنخرج الأسد من القفص و نترك له مساحة يمشى فيها , و يستفيد من أشعة الشمس و الحركة , و بعد كده يدخل القفص , و لأنه كسول فغالباً بينام في القفص , و طبعاً بنفوق الأسد في مواعيد الشغل .

سألت " محمد "  :  هل يا ترى الأسد أصبح مستأنس فعلا ؟

" محمد "   : أنا بشتغل مع الأسود من خمس سنين , و بعشق مهنتي , و أهم شيء في ترويض الأسد هو شعوره إنك قوية و مش خايفة منه , و الأسد مسالم طالما كان شبعان , و على فكرة الأسد بطبيعته غير أكول للحوم البشر إلا في حالات نادرة , زى الجوع الشديد و القاسي أو الثأر من الإنسان , أما في العادي فالأسد مخلوق من مخلوقات الله , و الإنسان مهيأ تماما للسيطرة عليه .

" محمد "   في نهاية  حواره طلب شيء أضيفه للكتاب علشان كده قررت إني أكتبه زى ما " محمد "   قاله كرسالة منه :

" الناس دايماً عارفه فنانين السيرك , لكنها ما تعرفش مُربى الأسود رغم إنه إنسان مهم في حياة الأسد داخل السيرك , و أوعوا تفتكروا إننا شباب جاهل و مش متعلم , أبداً إحنا شباب بيحب العمل مع الوحوش , لأننا لقينا فيها طيبة عن كثير من البشر , و بتعرف تصون العشرة اللي الناس مش دايماً بتصونها "

و هنا سألت " محمد " سؤال : " محمد " عايز تقنعني إنك عمرك ما اتأذيت من الأسود ؟

محمد : حصل لكن نقدر نقول هزار أسود ، كان فيه شبلة عند " الكابتن روما " مش معانا النهاردة كانت بتهزر معايا بإيديها , و طبعاً  أظافر الأسد حامية جداً ,   فظافرها غرز في إيدى , و اتجرحت و اتألمت , و هي حست لحظتها إنها غلطت غصب عنها مش قاصدة ،  تخيلي إنها حزنت و بكت علشاني ، فضلت تبكى مدة طويلة لغاية ما صالحتها , و فهمت إني بقيت تمام ، و فيه ناس بتقتل و مش بتبكي و لا بتندم على أفعالها أقولك على حاجة غريبة , أنا بحس إنهم بيحسوا بضربات قلبي .

 

الرحمة سر الترويض



في مشهد رائع و للأسف لم تلتقطه الكاميرا كان الأسدان " شريف"  و " شطا  " نايمين في القفص , و " كابتن روما  " واقف أمام  القفص . فجأة " شطا  " فاق من نومه لما  حس بوجود " كابتن روما  " ،  " شطا  "  أخرج رجليه  الأماميتين يحتضن بهما قدم " كابتن روما  "  , و ينام برأسه على قدمه كطفل صغير ، طأطأ              " كابتن روما "  على رأسه ، و فجأة  "  شطا "  يقف كما لو كان إنسان بيمد إيده اليمين علشان يسلم على " كابتن روما  "  في مشهد ينسيك أنه وحش مفترس,  أو حتى حيوان , و كأنه إنسان خلوق يدرك معنى الوفاء و الذوق  .

صدق الله حين أطلق على نفسه الرحمن الرحيم , و جعل الرحمة أساس الحياة ، سألت " كابتن روما " عن سر العلاقة الطيبة و الصداقة الواضحة مع الأسود  , و هنا بدأ " كابتن روما "  يحكى حكايته مع الأسد الكبير " شريف "  و كانت حكاية " شريف "  قصة مؤثرة جداً .

كابتن روما : " شريف "  أنا اشتريته كبير , و كان عند ناس المفروض إنهم بيدربوه على ألعاب السيرك , و المفروض إنه فعلاً شغال , و معنى إنك تشترى أسد شغال يعنى غالى الثمن , و فعلا كان هناك ميعاد لمقابلة صاحب الأسد , و دخلت لمكان الأسد لقيت صاحبه بيضربه ضرب عنيف علشان يؤدى ألعاب السيرك أمامي , ولكن " شريف "  رفض يشتغل , فصاحبه ضربه , و كان الضرب بيزيد مع تزايد إصرار الأسد على رفض اللعب , و وصل العنف لدرجة أنا نفسي و أنا مدرب أسود لم أحتمل رؤيتها  فبعدت عنهم .

خرجت بعيد ووقفت أتكلم مع " حمادة "  ابني و قلتله :  في كل الأحوال أنا قررت أشترى الأسد ده ، " حمادة " قالي :  إيه يجبرك يا بابا تشترى أسد مش شغال , و كبر على التدريب ؟ ، قلت لمحمد  : نفسي أرحمه من العذاب , ده الأسد ده تعب و بإذن الله ربنا يكرمه عندنا و يشتغل , و لو ما اشتغلش نبقى كسبنا ثوابه و رحمناه .

و فعلا اشتريت الأسد , و أول ما نزل من العربية وقف ينظر لنا واحد واحد , شاف وجوه مختلفة تماماً فنزل من سكات و دخل القفص .

طبعاً كان لازم أجرب لوحدي التعامل معاه , فدخلت معاه القفص من غير سلاح ,  و بدأت أشاور له بس , روح هنا , تعالى هنا , و فعلا أشتغل " شريف "  و أدى دوره ، يمكن أول ما جالنا هاجم " محمد "  لكن بعدها " شريف "  عرف إننا هنا مش بنعذب , فتعامل معانا بأدب ، لكن " شريف "   عنده مشكلة واحدة , إنه مش بيحب حد يلمسه , و إحنا مش بنلمسه و بنراعي شعوره , و كل لعبنا و هزارنا مع           " شطا " ، و هنا قلت لكابتن روما : تقصد تقول إن التعذيب عمل لشريف عقده نفسية ، كابتن روما قالي : تقريباً كده , على قد ما أتعذب دلوقتي كاره أي حد يقرب منه , لكن شغله بيعمله و ده المهم و المطلوب منه , و ربنا أكرمه و أكرمنا معاه .

يمكن في اللحظة دي عرفت إجابة سؤال محيرني ، ليه كنت بكتب مقال ورا مقال لغاية ما أصبح كتاب , و افتكرت الراجل اللي سقى كلب , و بالعمل البسيط ده دخل الجنة ، أكيد ربنا بيحب " كابتن روما " بسبب رحمته بالحيوانات , و موقفه النبيل مع " شريف " و إزاي كان بيضحي بماله في سبيل إنه يرحم أسد من العذاب .

 

                         أيهما أشرس الإنسان أم الحيوان ؟!!!

 

سؤال سألته لكابتن روما فقال : الإنسان طبعاً , لأن الحيوانات مظلومة بسبب فكرة الناس عنها ، لو مر الإنسان على الأسد و هو شبعان مش هيلتفت له , و الإنسان هيكون في أمان ، و الحيوان بيصطاد علشان يسد جوعه , حتى الضباع مظلومة ، الضبع أقوى فك في العالم و سبق إني دخلت معاه القفص و خرجت من غير ما يؤذيني .

أما الإنسان ممكن يرتكب جريمة قتل لمصلحة مش ضرورية لبقاء حياته ، لكن الحيوانات بتصطاد علشان تأكل و تعيش ،  للأسف الإنسان أكثر شراسة من الحيوانات المفترسة بكثير .



رابط المقال على شبكة صدى بورسعيد الاخبارية 
في 9 ابريل 2014

http://www.sadaportsaid.com/11015/



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق